كنا في منزل يُتلى فيه القرآن الكريم، فلما جاء ذكر ذي القرنين ويأجوج ومأجوج والسدّ، قال أحد إخواني إن هذه القصة لم يظهر لها أثر تاريخي للآن، مع أنه صار اكتشاف ما على الأرض من قبل ذلك العهد وبعده.
قلتُ له: يا أخي، لَعَلَّ هذا الأثر التاريخي يظهر فيما بعدُ ليكون معجزةً للقرآن على ممر الأيام، كما حصل في قصة فرعون فإنه وعد بأن ينجيه ليكون لمن بعده آيةً، وقد تحقق ذلك في هذه الأيام.
فقال: يا أخي، إن كلامك هذا هو جواب عليك إذ إن فرعون وخلافه آثار صغيرة جدًّا مدفونةٌ تحت الأرض وظهرت، والسدُّ ليس كذلك، وهذا وجه استغرابي لأن سياق الآية يدلنا على أنه بين جبلين كبيريْنِ، ومن حديد ونُحَاس، ومن دونه أُمَّة كبيرة لو فُتِحَ لها ذلك السدُّ لدوخت العالم بأسره؟ فأين هي تلك الأُمّة وذلك السد، ورسْمُ الكُرَة الأرضيّة أمامَ نظري أُقَلب فيه فلا أجد تلك الأمة ولا ذلك السد.
قلتُ: يا أخي، إني أظنُّ أن هذه الأمة هي أمة التتار، والسد هو سدّ الصين المشهور، وقد خرجت واخترقت آسيا والهند ومصر وأوروبا وأخذت المُلْك من المسلمين. وأتذكر أني رأيت حديثًا في بعض الكُتُب لا أعرِف صِحَّتَه جاء فيه ما معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسًا مع أصحابه ففزع، فلما سألوه عن السبب قال: وَيْلٌ لأُمَّتِي من السّيل المنهمر، يشير إلى قرب خروج يأجوج ومأجوج، فلما خرجوا وأخذوا الملك من المسلمين في عهد ملك التتار فسر علماء ذلك الوقت هذا الحديثَ بذلك. وبعد جدال كبير حصل بيننا وعدته بأن أفيده عن يد فضيلتكم بالجواب القطعي، فرجائي أن تفيدوا الجواب على صفحات المنار الأَغَرّ حتى يقتنعَ المشاغب، كما هو المشهور من فضيلتكم من إيضاح الحقائق، ولفضيلتكم الشكرُ، أفندم.