0 معجب 0 شخص غير معجب
112 مشاهدات
في تصنيف فتاوي بواسطة (177ألف نقاط)

إن شريعتنا السمحة قد امتازت بالتسامح مع المخالفين في الاعتقاد والتساهل مع ذوي المذاهب والأديان، وفي ذلك قال الله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ...﴾ [البقرة: 256] إلخ.

وهذه الآية هي مفخرتنا على الغربيين في أن ديننا أتى بمبدأ حرية الاعتقاد، ووسع صدره في الأيام التي كان فيها قابضًا على ناصية الأرض ومتقلدًا صولجان العزة والملك كلَّ مخالف من غير أن يتعرض لعقيدته، بل كان يستعين بالنصارى النسطوريين على نشر العلم، وإقامة المدارس في ربوع المملكة، ولكني أعرض على نور معلوماتكم الدينية، ومشكاة معارفكم القدسية الربانية؛ مسألة المرتد فإنها تعارضت عندي مع هذا الأصل الكريم، وهذا هو السؤال: هل في القرآن الشريف أو في السنة الصحيحة أمرٌ بقتل المرتد؟ وإذا كان فكيف التوفيق بينه وبين النهي عن الإكراه في الدين؟، وإذا لم يكن فما مراد الشارع من قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن بَدَّلَ دِينَهُ فَاقتُلوهْ»، وقوله: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ...» إلخ، وقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: 5] إلى أن قال: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 5].

وإذا لم يكن المراد من ذلك إكراه المرتد، وكل مخالف على الدين، فعلى أي أصلٍ استند الفقهاء في وجوب قتل المرتد؟ وإذا قلتم إنه من باب سد الذريعة، واستئصال جذور الفتنة أفلا يصدق ذلك على الفلاسفة والعلماء الأحرار الأفكار الذين قد يكتشفون نظريات علمية تخالف ظاهر الدين؟ وإذا كان لا يصدق، أفلا يعد على كل حالٍ عملًا منافيًا لحرية الاعتقاد، وماسًّا بمبدأ التسامح، والتساهل الذي امتاز به الإسلام؟
[1]

1 إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (177ألف نقاط)
 
أفضل إجابة

ما حكم مسألة حرية الدين وقتل المرتد؟

  • ذكرت هذه المسالة في مواضع من المنار كالتفسير والفتاوى، فنقول فيها هنا قولًا نلخص به ما تقدم نشره.

  • فنقول: أولًا إنه ليس في القرآن أمرٌ بقتل المرتد، بل فيه ما يدل على عدم قتل المرتدين المسالمين الذين لا يحاربون المسلمين، ولا يخرجون عن طاعة الحكومة، فقد جاء في تفسيرنا لقوله تعالى: ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا﴾ [النساء: 90] من سورة النساء ما نصه: (وفي الآية من الأحكام -على قول مَن قالوا إنهم كانوا مسلمين أو مُظهرين للإسلام، ثم ارتدوا- أن المرتدين لا يُقتلون إذا كانوا مسالمين لا يقاتلون، ولا يوجد في القرآن نصٌّ بقتل المرتد، فيجعل ناسخًا لقوله: ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ﴾ [النساء: 90]. إلخ.

  • نعم ثبت في الحديث الصحيح الأمر بقتل مَن بدل دينه، وعليه الجمهور، وفي نسخ القرآن بالسنة الخلاف المشهور، ويؤيد الحديث عمل الصحابة، وقد يقال إن قتالهم للمرتدين في أول خلافة أبي بكر كان بالاجتهاد، فإنهم قاتلوا مَن تركوا الدين بالمرة كطَيِّ وأسد، وقاتلوا مَن منع الزكاة من تميم وهوازن؛ لأن الذين ارتدوا صاروا إلى عادة الجاهلية حربًا لكل أحدٍ لم يعاهدوه على ترك الحرب، والذين منعوا الزكاة كانوا مفرقين لجماعة الإسلام ناثرين لنظامهم، والرجل الواحد إذا ترك الزكاة لا يُقتل عند الجمهور) اهـ.

  • والتحقيق أن القرآن لا يُنسخ بالسنة كما قال الشافعي ومَن تبعه، وخالفهم الكثيرون في السنة المتواترة.

  • ويؤيد الحكم في هؤلاء الحكم فيمن ذُكروا في الآية التالية لهذه الآية، وهي: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: 91].

  • روى ابن جرير عن مجاهد أن هؤلاء الناس كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيُسلمون رياءً، فيرجعون إلى قريشٍ، فيرتكسون في الأوثان، يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا، ويصلحوا.

  • ورُوي عن ابن عباس أنه قال: (كلما أرادوا أن يخرجوا من فتنةٍ أركسوا فيها؛ وذلك أن الرجل منهم كان يوجد قد تكلم بالإسلام، فيقرب إلى العود، والحجر، وإلى العقرب، والخنفساء، فيقول له المشركون قل: هذا ربي للخنفساء والعقرب.

  • وقد جعل حكمهم حكم مَن سبقهم، وهو أنهم إذا لزموا الحياد -وهو ما عبر عنه باعتزال المسلمين، وإلقاء السلم، وكف الأيدي عن القتال- فلا سبيل إلى قتلهم، وإلا قُتلوا حيث ثُقفوا؛ لأنهم محاربون، لا لأنهم مرتدون فقط، وقال: ﴿وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: 91]. 

  • أي دون غيرهم من المسالمين والمحايدين.

  • ونقلنا في تفسيرها عن الرازي أنه عزا القول بعدم قتال هؤلاء إلى الأكثرين، ونظَّر له بآيات سورة الممتحنة وآية البقرة في أنه لا يُقاتَل إلا المقاتلون، وقلنا: والظاهر أنه يعني بمقابل الأكثرين مَن يقول إن في الآيات نسخًا، ولا يظهر فيها النسخ إلا بتكلُّفٍ، فما وجه الحرص على هذا التكلف؟ وقد استفتينا في هذه المسألة قبل كتابة هذا التفسير بسنين، فتجد في فتاوى المجلد العاشر من المنار[2] أسئلة من أحد علماء تونس منها السؤال عن حديث: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ...» إلخ.

  • ألا يعارض كوْن الإسلام قام بالدعوة لا بالسيف كما يعتقد الجهلاء؟، والسؤال عن حديث: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ألا ينافي كوْن الإسلام لا يضطهد أحدًا لعقيدته؟ وقد أجبنا عن الأول بأن الحديث ليس لبيان أصل مشروعية القتال؛ فإن هذا مبيَّنٌ في قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾ [الحج: 39] الآيات.

  • وقوله: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾ [البقرة: 190] الآيات

اسئلة متعلقة

0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة 100 مشاهدات
سُئل أبريل 23، 2020 في تصنيف فتاوي بواسطة فتاوي وأحكام (177ألف نقاط)
...