2 إجابة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (177ألف نقاط)
 
أفضل إجابة

حكم الاقتراض بفائدة من البنوك في بلاد غير المسلمين

  • العقود الفاسدة كبيع الخمر والربا مع غير المسلمين في بلاد غير المسلمين من المسائل القديمة التي تكلم عنها العلماء، ومن خلال ما اختاره السادة الحنفية أقول: لقد ذهب الإمامان أبو حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف إلى أنه لا ربا بين المسلم وغير المسلم في دار غير المسلمين، وأن المسلم في تلك الدار له أخذ أموالهم بأي وجه كان، ولو بالعقد الفاسد كالقمار أو بيع الميتة والخمر أو الربا وغير ذلك ما دام برضا أنفسهم، قال محمد: (وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فلا بأس بأن يأخذ عنهم أموالهم بطيب أنفسهم بأي وجه كان)[1].

  • أقول: ولقد سمى محمد وغيره دار غير المسلمين بدار الحرب للتقسيم الذي كان شائعا في زمان الأئمة الذين ننقل عنهم هنا هذا الحكم؛ حيث كان العالم كله يحارب المسلمين، فقسم الفقهاء البلاد إلى دار إسلام يقام فيها الإسلام وتظهر شعائره وإلى دار حرب لا يقام فيها أحكام المسلمين، والتقسيم الحديث بين علماء الإسلام بعدما انتهت حالة الحرب التي شنت على المسلمين هو بلاد المسلمين وبلاد غير المسلمين، ولها نفس أحكام دار الحرب إلا فيما يتعلق بنفس الحرب التي لم تعد قائمة -والحمد لله رب العالمين- فليتنبه إلى ذلك؛ لأننا ننقل هنا من الكتب القديمة لبيان مذهب الأحناف فنحافظ على ألفاظهم.

  • ومما ينبغي أن يتنبه إليه أيضًا في هذا المقام أن مراد السادة الحنفية بدار الحرب هنا هو دار الكفر مطلقا، سواء أكانت الحرب قائمة أم لا، بدليل أن غالب الأدلة التي استدلوا بها كانت لدار كفر لا حرب فيها وهي مكة قبل الهجرة كما سيأتي ولم تكن هناك في العالم دار حرب، وصورة الدليل قطعية الدخول في الحكم إجماعا.

  • ثم قال محمد رحمه الله: (ولو أن المستأمن فيهم -أي الحربيين- باعهم درهما بدرهمين إلى سنة، ثم خرج إلى دارنا ثم رجع إليهم، أو خرج من عامه ثم رجع إليهم، فأخذ الدراهم بعد حلول الحول لم يكن به بأس)[2] ، وقال السرخسي بعد ذكره لمرسل مكحول -لا ربا بين المسلمين وبين أهل الحرب في دار الحرب-: (وهو -أي مرسل مكحول- دليل لأبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- في جواز بيع المسلم الدرهم بالدرهمين من الحربي في دار الحرب، وكذلك لو باعهم ميتة أو قامرهم وأخذ منهم مالًا بالقمار فذلك المال طيب له عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله)[3] ، وقول الإمامين أبي حنيفة ومحمد هو المعتمد والمختار عند السادة الحنفية، فقد قال الإمام السرخسي بعد نصه السابق: (وحجتنا -السادة الأحناف- في ذلك ما روينا وما ذكر عن ابن عباس -رضي الله عنه- وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال في خطبته «كل ربا كان في الجاهلية موضوع، وإن الله -عز وجل- قضى أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب»، وهذا لأن العباس -رضي الله عنه- بعد ما أسلم رجع إلى مكة، وكان يربي، وكان لا يخفى فعله عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فلما لم ينهه عنه دل أن ذلك جائز، وإنما جعل الموضوع من ذلك ما لم يقبض حتى جاء الفتح)[4] ، أي فصارت مكة دار إسلام، وقال المرغيناني[5]، والكمال بن الهمام[6]، والحصفكي[7]، وابن عابدين[8]، قالوا جميعا: (لا ربا بين المسلمين والحربي في دار الحرب، وذكروا أن المسلم في دار الحرب له أن يأخذ مال الحربيين بأي وجه كان بغير غدر منه)؛ لأن الغدر حرام، وظاهر كلام السادة الحنفية أن الحكم عام في أخذ المسلم للربا في دار الحرب وإعطائه.

  • ولكن الكمال بن الهمام ذكر أن أئمة الحنفية في دروسهم قيدوا حل الربا للمسلم في دار الحرب بأخذه من الحربي، فقال: (إلا أنه لا يخفى أنه إنما يقتضى حل مباشرة العقد -أي عقد الربا- إذا كان الزيادة ينالها المسلم، والربا أعم من ذلك؛ إذ يشمل ما إذا كان الدرهمان -يعني بالدرهم- من جهة المسلم ومن جهة الكافر، وجواب المسألة بالحل عام في الوجهين، وكذلك القمار قد يفضي إلى أن يكون مال الخطر للكافر بأن يكون الغلب له، فالظاهر أن الإباحة تفيد نيل المسلم للزيادة، وقد التزم الأصحاب في الدرس أن مرادهم في حل الربا والقمار ما إذا حصلت الزيادة للمسلم نظرا إلى العلة، وإن كان إطلاق الجواب خلافه)[9] ، ونقل ذلك عنه ابن عابدين[10]، ويمكن التمسك بظاهر المذهب إذا كانت المصلحة الأخيرة للمسلم حتى لو دفع الزيادة، وقد استدل السادة الحنفية على ما ذهبوا إليه بأدلة منها: 1- ما ذكر عن مكحول عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: «لا ربا بين المسلمين وبين أهل الحرب في دار الحرب»[11] ، قال السرخسي: (وإن كان مرسلا فمكحول فقيه ثقة، والمرسل من مثله مقبول)[12] ، واستدل بهذا الدليل أيضًا المرغيناني[13]، والكمال بن الهمام[14].

  • 2- واستدل محمد -رحمه الله- بحديث بني قينقاع[15]، فإن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حين أجلاهم قالوا: (إن لنا ديونا لم تحل بعد)، فقال: «تعجلوا أو ضعوا»، ولما أجلى بني النضير، قالوا: (إن لنا ديونا على الناس)، فقال: «ضعوا أو تعجلوا».

  • وبين السرخسي وجه الدلالة فقال: (ومعلوم أن مثل هذه المعاملة -الربا المتمثل في قوله: «ضعوا أو تعجلوا»- لا يجوز بين المسلمين؛ فإن من كان له على غيره دين إلى أجل فوضع عنه بشرط أن يعجل بعضه لم يجز، كره ذلك عمر وزيد بن ثابت وابن عمر -رضي الله عنهم-، ثم جوزه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في حقهم؛ لأنهم كانوا أهل حرب في ذلك الوقت ولهذا أجلاهم، فعرفنا أنه يجوز بين الحربي والمسلم ما لا يجوز بين المسلمين)[16].

  • 3- وبما وقع عند مصارعته -صلى الله عليه وآله وسلم- ركانة حين كان بمكة فصرعه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في كل مرة بثلث غنمه، ولو كان مكروها ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم لما صرعه في المرة الثالثة قال ركانة: (ما وضع أحد جنبي قط، وما أنت صرعتني)، فرد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الغنم عليه[17].

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (177ألف نقاط)

حكم الاقتراض بفائدة من البنوك في بلاد غير المسلمين

  • العقود الفاسدة كبيع الخمر والربا مع غير المسلمين في بلاد غير المسلمين من المسائل القديمة التي تكلم عنها العلماء، ومن خلال ما اختاره السادة الحنفية أقول: لقد ذهب الإمامان أبو حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف إلى أنه لا ربا بين المسلم وغير المسلم في دار غير المسلمين، وأن المسلم في تلك الدار له أخذ أموالهم بأي وجه كان، ولو بالعقد الفاسد كالقمار أو بيع الميتة والخمر أو الربا وغير ذلك ما دام برضا أنفسهم، قال محمد: (وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فلا بأس بأن يأخذ عنهم أموالهم بطيب أنفسهم بأي وجه كان)[1].

  • أقول: ولقد سمى محمد وغيره دار غير المسلمين بدار الحرب للتقسيم الذي كان شائعا في زمان الأئمة الذين ننقل عنهم هنا هذا الحكم؛ حيث كان العالم كله يحارب المسلمين، فقسم الفقهاء البلاد إلى دار إسلام يقام فيها الإسلام وتظهر شعائره وإلى دار حرب لا يقام فيها أحكام المسلمين، والتقسيم الحديث بين علماء الإسلام بعدما انتهت حالة الحرب التي شنت على المسلمين هو بلاد المسلمين وبلاد غير المسلمين، ولها نفس أحكام دار الحرب إلا فيما يتعلق بنفس الحرب التي لم تعد قائمة -والحمد لله رب العالمين- فليتنبه إلى ذلك؛ لأننا ننقل هنا من الكتب القديمة لبيان مذهب الأحناف فنحافظ على ألفاظهم.

  • ومما ينبغي أن يتنبه إليه أيضًا في هذا المقام أن مراد السادة الحنفية بدار الحرب هنا هو دار الكفر مطلقا، سواء أكانت الحرب قائمة أم لا، بدليل أن غالب الأدلة التي استدلوا بها كانت لدار كفر لا حرب فيها وهي مكة قبل الهجرة كما سيأتي ولم تكن هناك في العالم دار حرب، وصورة الدليل قطعية الدخول في الحكم إجماعا.

  • ثم قال محمد رحمه الله: (ولو أن المستأمن فيهم -أي الحربيين- باعهم درهما بدرهمين إلى سنة، ثم خرج إلى دارنا ثم رجع إليهم، أو خرج من عامه ثم رجع إليهم، فأخذ الدراهم بعد حلول الحول لم يكن به بأس)[2] ، وقال السرخسي بعد ذكره لمرسل مكحول -لا ربا بين المسلمين وبين أهل الحرب في دار الحرب-: (وهو -أي مرسل مكحول- دليل لأبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- في جواز بيع المسلم الدرهم بالدرهمين من الحربي في دار الحرب، وكذلك لو باعهم ميتة أو قامرهم وأخذ منهم مالًا بالقمار فذلك المال طيب له عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله)[3] ، وقول الإمامين أبي حنيفة ومحمد هو المعتمد والمختار عند السادة الحنفية، فقد قال الإمام السرخسي بعد نصه السابق: (وحجتنا -السادة الأحناف- في ذلك ما روينا وما ذكر عن ابن عباس -رضي الله عنه- وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال في خطبته «كل ربا كان في الجاهلية موضوع، وإن الله -عز وجل- قضى أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب»، وهذا لأن العباس -رضي الله عنه- بعد ما أسلم رجع إلى مكة، وكان يربي، وكان لا يخفى فعله عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فلما لم ينهه عنه دل أن ذلك جائز، وإنما جعل الموضوع من ذلك ما لم يقبض حتى جاء الفتح)[4] ، أي فصارت مكة دار إسلام، وقال المرغيناني[5]، والكمال بن الهمام[6]، والحصفكي[7]، وابن عابدين[8]، قالوا جميعا: (لا ربا بين المسلمين والحربي في دار الحرب، وذكروا أن المسلم في دار الحرب له أن يأخذ مال الحربيين بأي وجه كان بغير غدر منه)؛ لأن الغدر حرام، وظاهر كلام السادة الحنفية أن الحكم عام في أخذ المسلم للربا في دار الحرب وإعطائه.

  • 2- واستدل محمد -رحمه الله- بحديث بني قينقاع[15]، فإن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حين أجلاهم قالوا: (إن لنا ديونا لم تحل بعد)، فقال: «تعجلوا أو ضعوا»، ولما أجلى بني النضير، قالوا: (إن لنا ديونا على الناس)، فقال: «ضعوا أو تعجلوا».

  • وبين السرخسي وجه الدلالة فقال: (ومعلوم أن مثل هذه المعاملة -الربا المتمثل في قوله: «ضعوا أو تعجلوا»- لا يجوز بين المسلمين؛ فإن من كان له على غيره دين إلى أجل فوضع عنه بشرط أن يعجل بعضه لم يجز، كره ذلك عمر وزيد بن ثابت وابن عمر -رضي الله عنهم-، ثم جوزه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في حقهم؛ لأنهم كانوا أهل حرب في ذلك الوقت ولهذا أجلاهم، فعرفنا أنه يجوز بين الحربي والمسلم ما لا يجوز بين المسلمين)[16].

  • 3- وبما وقع عند مصارعته -صلى الله عليه وآله وسلم- ركانة حين كان بمكة فصرعه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في كل مرة بثلث غنمه، ولو كان مكروها ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم لما صرعه في المرة الثالثة قال ركانة: (ما وضع أحد جنبي قط، وما أنت صرعتني)، فرد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الغنم عليه[17].

اسئلة متعلقة

...