هل يخاف المؤمن يوم القيامة؟
الاجابة:
حياك الله السائل الكريم، يرى أكثر أهل العلم أنّ الخوف من أهوال يوم القيامة يعمّ جميع الناس مؤمنهم وكافرهم، وقيل: بل يكون المؤمن آمناً يوم القيامة عند البعث وفي المحشر وعند الميزان والصراط وغيره، وهو قول النيسابوري، واستدلّ بقول الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). [فصّلت:30]
وردّ القرطبي على ذلك فقال إنّ المؤمن لا يحزن على ما فاته من الدنيا، ولا خوف عليه فيما بين يديه من الآخرة، لكنّ هذا لا ينفي خوفه من أهوال يوم القيامة وما يحصل فيها من الشدائد، فجلال الله وعظمته يُدهش كل إنسان مؤمن كان أم كافراً، ولكنّ الله -عز وجل- يخفّف عن المؤمنين برحمته، وممّا استدلّ به أكثر أهل العلم على خوف المؤمن يوم القيامة:
- قوله -تعالى-: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى). [الحج:2]
- قوله -تعالى-: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا). [المزمّل:17]
- حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يبيّن فيه دنوّ الشمس من الناس يوم القيامة.
- فزع الناس إلى الأنبياء لطلب الشفاعة منهم، فما يكون من الأنبياء إلا قول: (نفسي نفسي)، [أخرجه البخاري] إلا رسول الله يقول: (أمتي أمتي). [أخرجه ابن خزيمة، صحيح]
- ما يكون في يوم القيامة من الأهوال؛ حيثُ تُبدّل الأرض غير الأرض، ويتغيّر نظام الكون، ويؤتى بالنار ويكون لها 70 ألف زمام، ويُمْسِكُ بكل زمام منها 70 ألف ملك، إلى غير ذلك من الأحداث التي لم يألف هولها الإنسان فيما سبق.
لِذا فخوف المؤمن يوم القيامة غير مستغرب أو مستبعد، ولو كان قد بُشّر بالجنة فيما سبق، أمّا وعد الله للمؤمن بالأمن فهو حقّ لا شك فيه، لكن الإنسان خُلق ضعيفا، ولن تأمن نفسه الأمان الكليّ إلا إذا ضمن الجنة ودخلها وأصبح ذلك عين اليقين بالنسبة له.