حياكم الله، وبارك لكم في رزقكم وتجارتكم، ونسأله لنا ولكم، دوام النّعم، والعافية من زوالها، ارتبط اسم الجمعة السوداء، بما يُسمّى بعيد الشكر عند الغرب، الواقع في شهر نوفمبر، الذي استُحدث بعد حادثة الغرق، التي مات فيها عددٌ كبيرٌ من النّاس، فجعلوا تاريخه عيد شكرٍ على النّجاة، حيث يَكثر فيه شراء الهدايا، والسلع مخفّضة الأثمان.
وقد رأى عددٌ من علماء الإسلام جواز الشراء من العروض المقدمة في هذه الفترة، أو المشاركة بتخفيض الأسعار، طالما كانت السلع والبضائع من المباحات، ولم يكن فيها ارتكاب أيّ محظورٍ، من غشٍ أو خداعٍ، أو بيعٍ للمحرمات، وإن كان الأفضل ألّا نتشبه بالكفار في مسمّياتهم، أو ارتباط التخفيضات والترويجات بهذا الوقت من العام.
وقيل إنّ سبب تسميتها بالسوداء؛ تعبيراً عن الفوضى التي يُسببها الناس في المحلات التجاريّة، والأزمات المروريّة في الشوارع، وقيل إنّ اللّون الأسود رمزٌ للحبر الأسود، الذي تُكتب به الأرباح على الفواتير والأوراق المخصّصة لذلك، بينما يرمز اللّون الأحمر للخسارة، وتُسمّى أيضاً في العالم العربي بالبيضاء.
وكلّها مسمّياتٌ رمزيّةٌ، لا علاقة لها بالتشاؤم، أو التقليل من شأن يوم الجمعة، هذا اليوم المبارك لدى المسلمين، بل هو خيرأيام الأسبوع، فقد ثبت في صحيح مسلم، عن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها).
وقد ورد في مسألة وصف هذا اليوم بالأسود، أو السواد، أقوالٌ لبعض العلماء، على أنّ هذا لا يكون من باب سبّ الدهر أو نحوه، لأنّ هذا مقيدٌ بأمر ما، وقد ورد في القرآن الكريم، ما يُشبه ذلك، إذ يقول -سبحانه وتعالى-: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ). "فصّلت: 16"