(الأنعام: 162 /163) (نسكي. أي ذبحي), وقال – صلى الله عليه وسلم – :(لعن الله من ذبح لغير الله) (رواه مسلم النووي13/150), فمن ذبح لغير الله – تعالى -فقد أشرك سواء ذبح لولي, أو لقبر, أو لنبي أو لجني, أو لغيرهم، فقد أمر الله – تعالى -نبيه – صلى الله عليه وسلم – في هذه الآية أن يخبر الناس أن صلاته ونسكه وهو الذبح ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له، فمن ذبح لغير الله فقد أشرك بالله، كما لو صلى لغير اللهº لأن الله- تبارك وتعالى -جعل الصلاة, والذبح قرينين، وأخبر أنهما لله وحده لا شريك له، فمن ذبح لغير الله من الجن والملائكة أو الأموات أو غيرهم يتقرب إليهم بذلك فهو كمن صلى لغير الله، وقد يجتمع في الذبح نوعان من المحرمات: الذبح لغير الله والذبح على غير اسم الله، وكلاهما أو أحدهما يجعل الذبيحة محرمة لا يجوز الأكل منها. وهناك أناس يذبحون للجن حيث أنهم إذا اشتروا سيارة أو سكنوا بيتا جديدا ذبحوا عنده أو على أعتابه ذبيحة خوفا من أن يوذيهم الجن فيتقربون لهم بها أو يرضونهم بها، وهذه من ذبائح الجاهلية التي لا تجوز وهي شرك بالله.
رابعا: ومن أهم مظاهر الشرك الأكبر التي ظهرت وانتشرت بين كثير من الناس في العصر الحديث وظهور التشريعات والقوانين الأوربية في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله: تحكيم القوانين الكافرة بدلا من التشريعات الإسلامية، أو اعتقاد أن أحدا يمللك الحق في التحليل والتحريم غير الله- تبارك وتعالى-، أو قبول التحاكم إلى المحاكم والقوانين الوضعية عن رضا واختيار مستحلا لذلك أو معتقدا بجواز ذلك، ويدخل في هذا من اعتقد أن هناك هديا غير هدي نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وحكما خير وأكمل من حكمه وشريعته التي جاء بها. ولما سمع عدي بن حاتم – رضي الله عنه – رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتلو قوله – تعالى –{اتَّخَذُوا أَحبَارَهُم وَرُهبَانَهُم أَربَاباً مِن دُونِ اللَّهِ} (التوبة: 31) فقال: إنهم لم يكونوا يعبدونهم قال: (أجل ولكن يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه، ويحرمون عليهم ما أحل الله فيحرمونه فتلك عبادتهم لهم) (رواه الترمذي وحسنه بشواهده في غاية المرام برقم 19).
خامسا: ومن مظاهر الكفر التي استهان بها الناس: السحر والكهانة والعرافة، قال- تبارك وتعالى -:{وَمَا كَفَرَ سُلَيمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحرَ َ} (البقرة: 102) وكسب الساحر حرام, وحكم الساحر القتل ويشارك الساحر في الإثم الذين يذهبون إليه ليعمل لهم سحرا يعتدون به على الآخرين أو ينتقمون منهم، وكذلك لا يلجأ للسحرة لفك الذي عمله ساحر آخر، بل الواجب طلب الشفاء واللجوء إلى الله مثل المعوذات وغيرها من كلام الله في القرآن والأدعية الثابتة الصحيحة, أما الكهان والعرافون الذين يدعون معرفة الغيب فهم كفارº لأنه لا يعلم الغيب إلا الله- تبارك وتعالى -قال – صلى الله عليه وسلم – :(من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) (رواه أحمد صحيح الجامع (5939) هذا حكم من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه، أما من يذهب إلى الكاهن أو العراف من باب التسلية أو التجربة دون أن يصدقهم فلا تقبل له الصلاة أربعين ليلة، أي أنه لا يؤجر على صلاته أربعين ليلة، مع وجوب أدائه لهذه الصلوات لتسقط عنه الفريضة بأدائها، ولكنه لا يؤجر عليها، قال – صلى الله عليه وسلم -: (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)(رواه مسلم).
سادسا: من أخطر صور الشرك التي إذا غلا صاحبها فيها أصبحت من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام: شرك المحبة أو الغلو في محبة المخلوقين. قال- تبارك وتعالى -:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبٌّونَهُم كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدٌّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَو يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذ يَرَونَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العَذَابِ} (البقرة: 165) فمن أحب إنسانا, أو صنما, أو نظاما, أو غيره حتى أصبح يذل له ويقدم طاعته وحبه على حب الله – تعالى -وطاعته، ويقدم أمره ونهيه على أمر الله ونهيه، وقع في هذا النوع من الشرك بدون أن يشعر، فليحذر المسلم الغلو في محبة أي شيء كان، وليعلم أن كل طاعة وكل محبة يجب أن تكون مقيدة بأن لا تتعارض مع طاعة الله – تعالى -ومحبته، ولا تقدم أي طاعة أو محبة على محبة الإنسان لله – تعالى – وطاعته ومحبة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وطاعته. وللشرك الأكبر صور ومظاهر أخرى، ولكننا ذكرنا أهمها وأكثرها انتشارا، وما ذكرت آنفا هو أحد مظاهر عدم فهمنا لديننا ولكنه أهمها وهناك مظاهر أخرى نسأل الله – تعالى – أن ييسر لنا الحديث عنها مستقبلا. هذا ما أحببت توضيحه نصيحة لإخواني المسلمين وعملا بواجب النصيحة لقوله – صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة قالها ثلاثا قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
مظاهر الشرك الأصغر
قول لولا الله وفلان: ومثال ذلك أيضاً قول: لولا الكلب لأتانا اللصوص، أو لولا البط في الدار لأتانا اللصوص، أو قول لولا فلان، أو لولا الله وفلان لحصل كذا وكذا، وقد رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسير قول الله تعالى: (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، أنّ المقصود بالأنداد الشرك الأصغر. الحلف بغير الله: ومن صور الحلف بغير الله الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام، وبالكعبة المشرفة، أو الحلف بالشرف، أو الجاه، وهذا كلّه ممّا حذّر منه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (من حلف بغيرِ اللهِ فقد كفرَ أو أشركَ)، فلا ينبغي للمسلم الحلف إلّا بالله عزّ وجلّ، فقد رُوي أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- أدرك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو يحلف بأبيه، فقال: (من كان حالفًا فليحلفْ باللهِ أو لِيصمُتْ).
قول ما شاء الله وشئت: هذا القول يُعدّ من الشرك الأصغر، والدليل على ذلك ما رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال لرجلٍ عندما قال له ما شاء الله وشئت: (أجعلتني للهِ نداً؟ قلْ: ما شاءَ اللهُ وحدَه)، بالإضافة إلى ما رُوي عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لا تَقولوا: ما شاءَ اللَّهُ وشاءَ فلانٌ، ولَكِن قولوا: ما شاءَ اللَّهُ ثمَّ ما شاءَ فلانٌ).
الرياء: يُعرّف الرياء بأنّه العمل الذي يُراد به ظاهرياً وجه الله تعالى، بينما يُراد به في الحقيقة مدح الناس وثنائهم، وقد حذّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الأمة من خطر الرياء، حيث قال: (أخوفُ ما أخافُ عليكمُ الشركُ الأصغرُ، فسُئِلَ عنه، فقال: الرياءُ).