أستاذي الفاضل، الشيخ محمد رشيد رضا: السلام عليكم ورحمة الله، أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وقد علمنا وعلم الناس أنكم -حفظكم الله- خليفة الأستاذ الإمام في القيام بأمر الدِّين الخالص، ودحض الباطل عنه، فإن العِلم الدليل، وليس العِلم بالكُمِّ الطويل، وقد طوحتني المقادير إلى بلدة ألعن بلاد الله تربة، يسكنها قوم أحلامهم دِقاق، ودينهم نِفاق، يأخذون من العِلم القشور، ومن الأخبار الموضوعة، ومن العقائد الخُرافية، فهم أشباه الرجال ولا رجال، يُكَفِّرون مَن قال بالمعراج بالروح، ومن أنكر وجود الجنة والنار، ومن نفى رؤية الإله في الآخرة، ومن منع رجوع الشمس بعد مغيبها عند إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم العير، وعدم مجيء بيت المقدس بين يديه صلى الله عليه وسلم وعدم وجود الزُّناة وأكلة الربا بين مكة وبيت المقدس، ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم لهم ليلة الإسراء كل ذلك لحُجج عنده من أن هذه عقائد لا تثبت إلا بالقطع، وبعض هذه الأشياء لم يجد (كذا) فيه دليل أصلًا، وبعضها قام عليه دليل غير يقينيّ مع قيام دليل العقل على خلافه، ولما كنتم بارك الله فيكم أوقفتم أنفسكم على تحقيق مثل هذه المسائل نفعًا للأمة وخدمة للدين، وقد شاهدنا غزارة علمكم وسعة فِكركم وكثرة اطلاعكم ورسوخ ملكتكم العلمية التي قلَّ أن توجد لأحد من مُعاصريكم رجوت أن تكشف لي بَقِيت أبدًا (؟) عن غطاء هذه المسائل وتُرجعها إلى أصولها، وتبرزها في صورتها الحقيقية غير مشُوبة بخرافات المخرِّفين، بأدلتها من العقل أو الكتاب أو السنة المتواترة أو المشهورة، كما هو شأنكم في جميع المسائل، لا زلت ينتفع بك الإسلام والمسلمون.
[المنار] يؤخذ من هذا الكتاب بضع مسائل، ينبغي بيان الحق فيها، وها نحن أولاء نتكلم عليها واضعين لكل واحدة منها عنوانًا.