وعليكم السلام ورحمة الله، بارك الله في رزقكم، ونسأله الخير لكما أينما كان، رأى العلماء جواز فسخ عقد السلم بما يُسمى بالإقالة، شرط أن تكون قبل تسليم المُسلّم فيه (السلعة)، سواء أكان ذلك قبل حلول موعد التسليم أو بعده، وسواء أكان رأس المال مسلّم أم لا، وسواء أكان موجوداً أم لزم تعويضه؛ لصرفه.
ويقصد بالإقالة: أن يقول أحد الطرفين للآخر: أنا أُقيلك في السلعة؛ أي أنا أرضى وأنت كذلك ترضى أن ننفذ بيع السلم في جزء، ولا ننفذه في الجزء الآخر، أو نفسخ عقد السلم فلا ننفذ ما فيه من أساسه، فالإقالة هنا تكون بإنهاء العقد أو العلاقة، وهذا بالحكم الراجح عند العلماء جائز ولا بأس بتنفيذ جزء من بيع السلم دون الآخر.
وفي حال تم فسخ العقد قبل تسليم السلعة، وجب ردّ رأس المال إلى صاحبه، فإن كان غير متوفر وجب بدله في الذمة، ولا يجوز تعويضه بعقد سلمٍ آخر، فهذا يكون عقد بيع دين بدين، وهذا غير جائز.
ويجوز أيضاً فسخ عقد بيع السلم إذا تعذّر تسليم السّلعة بالوقت المحدد، أو عجز عن ذلك لظرفٍ ما، أو لحصول التلف، ويجوز للمُسلّم إليه أيضاً في هذه الحالة أن يصبر ويمهل بعض الوقت حتى يتوفر ما تمّ الاتفاق عليه، فإذا لم يستطع انفسخ العقد، ويردّ رأس المال إلى صاحبه.
وقد جاء القول بجواز بيع السلم؛ تلبيةً لحاجة النّاس، والشريعة الإسلامية إنما جاءت لتلبية حاجات النّاس فيما لا ظلم فيه، فأصحاب الثمار، أو الصناعات، أو نحوها، ربما احتاجوا إلى الأموال لاستكمال مشاريعهم، وتمويلها، وإصلاحها.
فأجازت لهم الشريعة بيع السلم؛ لتحقيق المصالح، وفتح المجال أمام من يمتلك الفائض المالي والذي يبحث عن استثماره للتعامل ببيع السلم، والحصول على السلع، سواء كانت حاجته للسلع للتجارة، أو للاستهلاك.