وعليكم السلام ورحمة الله، أهلاً بكِ أختي السائلة، لقد تباينت الأقوال في حكم الاحتفال بالمولد النبوي، مما دفع الناس للسؤال عن ذلك، وقد ورد هذا السؤال بعينه للجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية وأجابت بما نصُّه: "لا يصحُّ إيمان العبد؛ حتى تتفوّق محبة النبي فى قلبه على كل ما يملك من حطام الدنيا".
واستدلت بقوله الله -سبحانه وتعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، "آل عمران:31" وبقول رسول الله ـصلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
وأشارت لجنة الفتوى في إجابتها ذاتها أنّ من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الإكثار من الأعمال الصالحة في مواطن النعمة، وأهمّ تلك النعم، نعمة ولادته؛ ليكون للعالمين هادياً وبشيراً، وقد روى أبو قتادة الحارث بن ربعي ـرضي الله عنه- في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ؟ قالَ: (ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ).
ولما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم يذكر ميلاده بالأعمال الصالحة، كان لا بأس من الاحتفال بذكرى مولده المبارك عند الأزهر الشريف؛ إذ إنّ مولده فضلٌ من المولى -عز وجل- على البشرية جمعاء فقد قال في محكم تنزيله: (قُل بِفَضلِ اللَّـهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ). "يونس:58"
ويكون ذلك بأعمال البرّ، وإظهار الفرح، وبذل المعروف، والصدقة، وما إلى ذلك من ذكر سيرته الحسنة، و تناول مناقبه، وصفاته، والحثّ عليها، و غير ذلك من الأعمال التي تخلو من المخالفات الشرعية، ولا تتنافى مع أوامر الله -عز وجل- و سنة نبيّه ـصلى الله عليه وسلم-.